أفلام ومسلسلات

الفرق بين الدراما القديمة والدراما الحديثة: انعكاس للأخلاقيات والمبادئ في المجتمع

كتبت إلهام رزق

لطالما كانت الدراما أحد أبرز وسائل التعبير عن القيم والمبادئ الاجتماعية، وكان لها تأثير بالغ في تشكيل الوعي الجمعي للشعوب. في الماضي، كانت الدراما العربية تتسم بجو من الرقي والعمق الفكري، حيث كانت تتناول قضايا إنسانية واجتماعية هادفة، تجسد معاناة الإنسان وتطلعاته، وتربط بين التسلية والفائدة. أما في الوقت الحالي، فقد تغيرت المعايير الفنية وحدث انحراف عن تلك المبادئ التي كانت تميز الأعمال السابقة، ليظهر الفن الهابط الذي لا يتناسب مع قيم المجتمع.

الدراما القديمة: الفن الهادف والمبادئ

مسلسلات مثل “زيزينيا”، “الراية البيضا”، “ليالي الحلمية”، و”أرابيسك” هي خير مثال على الدراما الهادفة التي كانت سائدة في العقود الماضية. هذه الأعمال لم تقتصر على تقديم التسلية، بل كانت تحمل في طياتها رسائل اجتماعية، ثقافية، وأخلاقية. فمسلسل “زيزينيا”، على سبيل المثال، كان يعكس واقعًا اجتماعيًا مليئًا بالتحديات السياسية والاقتصادية، ولكنه كان يعرض أيضًا قيمًا مثل الوفاء، والصدق، والتضحية من أجل المصلحة العامة. أما “ليالي الحلمية”، فقد كانت بمثابة مرآة للواقع المصري عبر أجياله المتعاقبة، حيث تناولت قضايا مثل الفقر، والعدالة الاجتماعية، والصراع الطبقي، ولكنها أظهرت في الوقت نفسه أهمية الأمل والتطلع إلى غدٍ أفضل.

كانت الدراما القديمة تهتم بتطوير الشخصيات وتسليط الضوء على القيم الإنسانية السامية، فغالبًا ما كانت الأعمال تستند إلى روايات أدبية عظيمة أو واقع اجتماعي حقيقي، مما جعلها تقدم تجربة غنية للمشاهد على كافة الأصعدة.

الدراما الحديثة: تراجع المستوى الفني والأخلاقي

مع مرور الوقت، بدأ يظهر نوع جديد من الدراما التي تركز على الحشو والابتذال، وهو ما تجسد في المسلسلات الحديثة مثل “أش أش” و”العتاولة”. في هذه الأعمال، يتعمد المنتجون إغفال الأبعاد الفكرية والإنسانية، ويتجهون إلى تقديم مشاهد تفتقر إلى العمق، وتقوم على الإثارة المبالغ فيها أو التسلية السطحية. وغالبًا ما تقتصر هذه الأعمال على تقليد أساليب مبتذلة من حيث الأزياء، أو الحوارات التي لا تعكس الواقع الاجتماعي، بل تروج لنمط حياة غير واقعي ولا يتناسب مع قيم المجتمع.

تُظهر هذه المسلسلات الشخصيات في حالات من الانحلال الأخلاقي، وتروج لأفكار سلبية مثل التفكك الأسري، والمبالغة في العنف، والتشجيع على السلوكيات السلبية التي تضر بالعلاقات الاجتماعية. كما أنها غالبًا ما تتجاهل تقديم حلول أو رسائل تربوية، وتقتصر على تقديم الفوضى والتسلية الهزلية.

الفن الهابط وتأثيره على المجتمع

إن الفن بشكل عام له تأثير كبير على المجتمع، حيث يشكل القيم والسلوكيات العامة من خلال ما يعرضه. بينما كانت الدراما القديمة تعزز من القيم الأخلاقية السامية وتحث على التعاون والمساواة، فإن الأعمال الحديثة التي تروج للفن الهابط تساهم في نشر أفكار تسهم في تدهور الأخلاقيات والمبادئ. يشجع هذا النوع من الدراما على التفكك الأسري، وتقلل من الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع، كما تروج لشخصيات خالية من القيم.

خلاصة

لا شك أن الفارق بين الدراما القديمة والحديثة كبير وواضح. بينما كانت الدراما في الماضي تركز على بناء الإنسان فكريًا وأخلاقيًا، فإن الدراما الحالية أصبحت في كثير من الأحيان مجرد وسيلة لربح سريع على حساب القيم المجتمعية. وعلى الرغم من أن التسلية جزء مهم من الفن، فإن من الضروري أن يعيد المنتجون والمخرجون الاهتمام بالجوانب الإنسانية والأخلاقية في أعمالهم، حتى يعود الفن إلى دوره التربوي والاجتماعي المخلص.